أمكنة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
أمكنة

مجلة ثقافية تُعنى بأدبيات المكان


    الحياة الاجتماعية في لواء الكرك

    أمكنة
    أمكنة
    Admin


    عدد المساهمات : 285
    تاريخ التسجيل : 16/12/2010

    الحياة الاجتماعية في لواء الكرك Empty الحياة الاجتماعية في لواء الكرك

    مُساهمة من طرف أمكنة 31/7/2011, 2:58 am

    الحياة الاجتماعية في لواء الكرك

    الحياة الاجتماعية في لواء الكرك 336308


    عمان – أحمد الطراونة - في التاريخ العربي الحديث مناطق زمنية يصعب على الباحث اقترابها، وهو اذ يقدم على ذلك يدخل في معركة حقيقية مع كتبة السلطان وزبانيتهم، وفي شرق الاردن تحديدا مورس التجهيل والظلم والقمع على الناس وعاشوا في فترة ظلام دامس لم تكتب سطورها ولم ترو، مما يجعل مهمة التأريخ لها اصعب ما يكون.
    يرصد استاذ التاريخ الحديث والمعاصر في جامعة مؤتة ا.د. محمد سالم الطراونة تطور الحياة الاجتماعية في لواء الكرك خلال الفترة 1893- 1918 وهي من الفترات المهمة في تاريخ شرق الاردن والتي تفتقر الى المراجع التاريخية وذلك في سياق مشروعه البحثي الذي يرصد من خلاله التاريخ الاجتماعي الحديث لشرق الاردن.
    ويأتي كتاب الحياة الاجتماعية في لواء الكرك والصادر عن وزارة الثقافة ضمن مشروع مدن الثقافة الاردنية كمحاولة توثيقية لفترة تاريخية عانى تاريخ المنطقة فيها من الاغفال حيث كان الحديث عن تلك الفترة شذرات متفرقة وإلماحات لاتسد رمق الباحث ولاتشفي غليل الدارس تفرقت بين كتب الرحالة الذين زاروا بلاد الشام عامة.
    وبسبب قلة المراجع التاريخية عن تلك الفترة اضطر الباحث الطراونة لسبر أغوار سجلات المحاكم الشرعية لعله يجد ضالته ويستنبط ويستقرء مايعينه على تقديم ما يسهم في تشكيل الملمح الاجتماعي لتلك المنطقة في فترة الدراسة.
    ويؤكد الطراونة في مقدمة كتابه على أن هنالك عدد من المصادر التي أسهمت في تشكل تلك الرؤية وتوفير تلك المعلومات وهي في مجملها لاتمنح المعلومة بكل سهولة وانما تحتاج الى قدرة عالية على الاستنباط ومنهجية بحثية علمية وهذه هي مهمة الباحث التاريخي ومن هذه الوثائق: الوثائق العثمانية في أرشيف رئاسة الوزراء في اسطنبول، ودفاتر الطابو العثمانية، وسجلات المحاكم الشرعية، والمعلومات الواردة في الصحف والمجلات حينذاك، والمذكرات والاوراق الشخصية لكثير من الشخصيات الذين عاشوا إبان تلك الحقبة وعاصروا احداثها، اضافة الى ما دونه الرحالة الاجانب من مشاهدات وانطباعات عن اللواء خلال زياراتهم له او مرورهم به.
    قسم الطراونة بحثه الذي صدر ضمن منشورات مدينة الزرقاء الثقافية الى أربعة فصول اسس لها بتقديم موجز لتبعية اللواء الادارية بعد خروج الجيش المصري من بلاد الشام حيث أتبع قضاء الكرك حينها الى لواء عجلون ثم الى لواء حوران، ثم الى لواء البلقاء، ثم الى لواء معان الذي رفض فيما بعد لتكون الكرك هي مقر اللواء وذلك في كانون الثاني من عام 1893 ويتبع له ثلاثة اقضية هي قضاء السلط والطفيلة ومعان، وتمتد مساحته بين وادي السرحان شرقا وعرب خليل الرحمن وغزة هاشم غربا، ومدائن صالح جنوبا ولواء درعا شمالا.
    ويشير الطراونة الى أن الدولة بدأت اهتمام غير مسبوق باللواء حيث زودته بجهاز اداري فاعل وقادر على النهوض بمسؤولية الاشراف على جميع الامور الادارية والعسكرية وتنفيذ سياسات الدولة خاصة وان اهمية هذا اللواء تكمن في استحواذه على خط الحج الشامي ووجود هذا الخط بين يدي القبائل البدوية التي كانت متناثرة على طول الطريق مما جعل الدولة تخضع لتقلب امزجة شيوخ هذه القبائل.
    وفي الفصل الاول من الكتاب يتحدث الباحث عن الاحصاءات السكانية وفئات السكان والعلاقات الناظمة بين الفئات السكانية المختلفة، عارضا لاعداد السكان والقبائل والارياف وانماط العلاقات الاجتماعية بين هذه القبائل. ثم يقدم في الفصل الثاني من كتابه لمحة تاريخية مهمة عن التعليم في اللواء حيث يقدم اضاءة تاريخية عن واقع التعليم قبل فترة الدراسة ثم يبين انماط التعليم في اللواء وآلية الاشراف عليه والكتب والمكتبات والامتحانات، ثم يقدم في نهاية الفصل لمحة مهمة عن اثر التعليم في اللواء وثقافة ابنائه باعتبار التعليم مخرجا ورافد من روافد التنوير الثقافي المختلفة.
    ولم يغفل الجانب الاحتجاجي في حياة الناس خاصة وان الثقافة في تلك المنطقة ثقافة تسعى دائما الى التغيير للافضل بكل الوسائل حتى لو اضطرت الناس الى ان تقوم على اصحاب الولاية هناك فيعرض المؤلف في الفصل الثالث لتاريخ الثورات في تلك المنطقة خلال فترة الدراسة حيث يقدم لمحات عن ثورة الشرارات وثورة بني حميدة، وثورة الشوبك، وثورة الكرك والتي تعد من اهم الثورات التي ارغمت الدولة العثمانية على الاستجابة لمطالب ابناء اللواء في تلك الفترة وهي ثورة كما يقول منير الريس في كتابه «الكتاب الذهبي للثورات الوطنية في المشرق العربي» بانها إحدى الثورات المجيدة في فجر النهضة العربية وهي بحق ثورة العشائر العربية.
    ولم يغفل الباحث اهمية التطور العمراني كأحد الشواهد المهمة على التطور الاجتماعي والثقافي الذي ينعكس على شكل العمران واساليبه المختلفة، حيث رصد في الفصل الرابع النشاط العمراني في اللواء خلال فترة الدراسة من حيث هيئة القصبات من الداخل وهيئة المنازل والمباني الدينية ومباني الخدمات العامة والقلاع.
    بقي ان نشير الى هذا الجهد البحثي والذي قدمه الباحث هو بمثابة اعادة الحياة لفترة زمنية قضت دون ان تترك اثرا مكتوبا وهو اذ يعيد كتابة هذا الاثر يعيد للتاريخ حضوره وبهجته ويقدم للقارى والباحث اساسا علميا يستند عليه ويحفز الباحث في التاريخ الاردني الى الدخول في هذه المنطقة المخيفة بحثيا حيث لا مصادر تسهّل ذلك.

    عن الرأي الأردنية

      الوقت/التاريخ الآن هو 10/5/2024, 11:09 am