أمكنة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
أمكنة

مجلة ثقافية تُعنى بأدبيات المكان


2 مشترك

    جبل اللويبدة وفخ القصص المؤلمة

    avatar
    ناهد البكري


    عدد المساهمات : 11
    تاريخ التسجيل : 23/12/2010

    جبل اللويبدة وفخ القصص المؤلمة Empty جبل اللويبدة وفخ القصص المؤلمة

    مُساهمة من طرف ناهد البكري 1/4/2011, 1:47 am

    [size=12][size=18]خمسون دقيقة إلى "ناصر الريماوي" مع قصته "ميرميد" فتاة البلور...[/size]


    "هذا ما شيدته العرائس البتول على حافة السفح المطل من دموع الليلة الأخيرة قبل الزفاف، كنّا نطل منه على بيوت القاع في وسط المدينة"... حدثني "ناصر الريماوي" بهذا وانا صدقته، راوغني كعادته وهو يجتر احداثاً مؤلمة لقصصه، ذلك المساء كانت الرياح باردة وعمان ترف بأجنحة الغواية وتغلي في رأسي، منذ "دبي" وأنا أحمل إعترافاً "لميرا" نيابة عن ذلك الراوي الذي توارى مع الخاتمة، جاء صوت ناصر مكهرباً عبر هاتفي النقال وأنا أرتجف خلف مقود السيارة، لينثر بعض الدفء: مجنونة انتِ... ليس "لميرا" وجود إلا في رأسي... ورأسك.
    بما تبقى من وقت قليل قبل السفر سأزور "جبل اللويبدة"... جبل الأرواح العاثرة... هكذا أسماه ناصر في قصته "ميرميد" وأنا تألمتْ حينها... ناصر يراوغ ويحتال حين أعيد عليه السؤال: كيف للقصة أن تنتهي بلا إجابة، لتتركني أحلق وحيدة في فضاء التكهنات؟ هل كانت "ميرا" عروس بحر، ام انها محض فتاة بائسة من البشر؟ أم هو إنحيازك لواقع غامض؟ فحين تظلم الحياة أحداً، يظلمه كل شيء، "ميرا" ظلمتها الأقدار في شخصية الرواي حين أحبته، تخلى عنها شعراء الحب في مقهى ركوة عرب، وكتاب أعمدة الصحف المحلية حين ادارت لهم قلبها، كُنتَ تظلمها انتَ ككاتب ورحتَ أمامي تدعّي الحياد، قلت لي يومها: أنا أمضي خلف رؤيتي للأمر فقط، وأنا صدقتكْ... ألم تتمادى في رؤياك، حتى فارقها الجميع، أستاذها "جاد" والذي احب فيها شبابه الغابر، صديقتها "ربيعة" والتي رحلت نحو أسطورة أكثر نفعاً، حبيبها الراوي والذي تخلى لشك أنتَ إفتعلته من خلال حبكة مؤلمة، تخونها الصحة فيعتل منها الجسد، لكن قلبها ظل معافى، ألم يكن بمقدورك إجتناب عقلها ووعيها ليرجح القليل من ضعفها بين احضانه ؟ وأنتَ الذي اوقعها بذنب لم ترتكبه، ألا يحلو لك التباهي بقلم أقل قسوة ؟
    سأبحث عن "ميرا" و"فيلا ميرميد" عند السفح في "جبل اللويبدة"، لأفضي لها بحقيقة أدركتُها بعد الخاتمة، باعتراف على لسان حبيبها، لأنتزع التفاصيل التي عذبتني من شراييني والقي بها بعيداً، لأسترد حريتي، لأقسم على يديها بأنني لن اعود للخوض في التفاصيل بعد قراءة القصص، ولأصف لها كم آلمتني حين إختفت.
    كل البيوت تشابهت للوهلة الاولى ثم تنافرت، قمم الاشجار العالية وحدها تتعانق في إهتزاز رتيب، ولا تجلب نحوي لحناً شجياً "لرم" ولا أي لحن آخر لطارق الناصر، كي أستدل عليها، هبط المساء باكراً فأيقظ مني الهواجس، رياح خفيفة أخذتُ تكنس الطرقات الوادعة في حضن الجبل، خشيتُ ان تعوي عند منعطفاته فتزيدني وحشة، طالعني مشفى "اللوزميلا" بأنواره وانا اهبط المنحدر، فأيقنتُ بأني وطأتُ ارض الحكاية، تدليتُ وانا أتشبثُ بسطور القصة أنزلق خلف فصولها بسلاسة الوصف، تطلُ وجوه بملامح شتى من خلف زجاج النوافذ، تنظر نحوي بغرابة، استوقفني وجه صبية أشرق بابتسامة صافية قبل أن تسدل بيني وبينها ستائر بيضاء، أية حديقة نهضت على أنقاض فيلا "ميرميد"، وأي سور حجري حمل اللافتة ذات نهار عابر "ميرميد... مرسم وجاليري" الإفتتاح قريباً، قبل ان يطويها ناصر بخاتمة مبكرة؟
    أعياني البحث وأدركني ليل الشتاء وبثني الوقت فسحته الضيقة، أيقنتُ بأني أركل الفخ ولا أسعى للخلاص منه، "ميدان باريس" في طريق عودتي كان شاهداً على تقاطعات الطريق في كل اتجاه، لم يصغِ يوما ولم يسمع "بميرا"، مقاعده الخشبية تحكي للقمر في ليالي السماء الصافية عن صبية تشبهها لكنها لا تنمتي للمكان، على الرغم من كونها الاجمل، عن صبية تغري قريحة الشعراء بنظم الشعر وبالمزيد من تنهيدات حائرة يجدلونها كأطواق الياسمين حول اعناق حبيباتهم، من نوافذ المقهى في "ركوة عرب" ترقب العيون ظهورها في إنتظارعبثي ويائس في كل ليلة، وانا من خلال أمسية وحيدة إختنقت، وتهت في البحثُ، تبددت أمنياتي بالتخلص من طوق الحكاية، لكن الوقت داهمني، وفي الغد سأرحل، سأعود مكبلة بفخ جديد، وبحزن آخر، باعتراف سيرجع معي، وقصة مؤلمة، أثق تماماً بأنه لا ينبغي لها أن تنتهي عند تلك الخاتمة.

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    [/size]
    أمكنة
    أمكنة
    Admin


    عدد المساهمات : 285
    تاريخ التسجيل : 16/12/2010

    جبل اللويبدة وفخ القصص المؤلمة Empty رد: جبل اللويبدة وفخ القصص المؤلمة

    مُساهمة من طرف أمكنة 1/4/2011, 1:32 pm

    الكتابة عن المكان كتابة عن الانسانية ، أشكرك على هذا النص الجميل صديقتي

      الوقت/التاريخ الآن هو 12/5/2024, 6:11 pm