أمكنة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
أمكنة

مجلة ثقافية تُعنى بأدبيات المكان


    دراسة عن شعرّية المكان والزمان والحدس لأربعة دواوين للشاعرة ( سمر مهنا )

    أمكنة
    أمكنة
    Admin


    عدد المساهمات : 285
    تاريخ التسجيل : 16/12/2010

    دراسة عن شعرّية المكان والزمان والحدس لأربعة دواوين للشاعرة ( سمر مهنا ) Empty دراسة عن شعرّية المكان والزمان والحدس لأربعة دواوين للشاعرة ( سمر مهنا )

    مُساهمة من طرف أمكنة 18/3/2011, 2:53 pm

    دراسة عن شعرّية المكان والزمان والحدس لأربعة دواوين للشاعرة ( سمر مهنا )
    الوحدة
    ثقافة
    الاحد17/1/2010
    مقاربة :أحلام غانم
    اذا كان المكان والزمان يمثلان عند المفكرين والمبدعين مجالا للرؤى الجغرافية والنفسية والفنية وغيرها من مجالات الفكر التي تمثل مشاعرهم من قضاياهم فإن هذه الرؤى لم تكن بعيدة عن فكر الشاعرة ( سمر مهنا )0
    الكلمة هي الرؤية المفردة والمفردة هي الرؤية من هنا : أضحت الرؤية ترنيمة جميلة على افواه الشعراء , على الرغم من الغموض الذي اكتنفها بسبب التأويلات المتباينة على الغواية والانجذاب نحو تخوم عالم مجهول اسمه الشعر 00‏
    ما أعمق هذه الغربة التي يكتمها شعر الشاعرة ( سمر مهنا ) حيناً ويفصح عنها حيناً ,انها غربة مزدوجة : غربة في المكان وعنه, كأنها تولد ايضا في لحظة مزدوجة , قد تفتح الباب واسعا امام قضايا هامة متناقضة ومعقدة حول مساهمة اللغة, بأشكالها المبتكرة , في اعادة المفردة الواحدة كمصدر حقيقي في عملية ضبط الصورة الشعرية ولملمة شتاتها المتناثر في فضاء الذاكرة والعالم على قاعدة مرتكزاتها اللغوية 00 لاتعود الرؤية الشعرية , في هذا الاطار , ضربا من الفوضى , بل تحفر الرؤيا اخاديد حدودها المنتظرة عبر الحلم والخيال , لترسم بهذا التصور بعدا مغايرا للرؤيا عم ذهب اليه من سبقها 00 هل هي خيال حالم بعالم مجهول يظل بحاجة الى كشف 00؟ لا شيء محرما على العين عندما تتسع الرؤيا وتتحرر من وطأة الجاذبية 00 هنا لابد ان تترجم مقاربتنا ولو بشمعة على مثل :‏
    ( ايقاد شمعة تشق الظلمة خير من البكاء على فراق الشمس طول الليل )0‏
    انظلاقا من هذه الحقيقة الروحية : هل تقلقنا الرؤيا داخل النص الشعري أم تعلق الشاعرة سمر مصباح السؤال برقبتنا عبر معاناة كأنها زحف نحو الأعالي , وتلاحق حدس الذات الى ما كان وسوف يكون ؟ لتصبح سمر العصفورة المفردة / الكلمة / في هذا المنحى , ذات وزن فاعل في العبارة الشعرية , ام لتضع قصيدتها المليئة بتواضع وتنصرف , ولا ضجيج حول هذا العطر المنحني على شجن القصيدة والمختلط بها , انه سفر الخيال وهو عندها الهزة التي تهوي بالتماثيل الدخيلة وتأخذنا كلماتها الى الامكنة المأهولة بدمعة , والمفتوحة على فراغ الوقت 00 وتبقي احدنا معلقا بانتظار أن يتمكن هذا اوذاك من فتح كوة في جدار للتسلل الى عمق الجمال 00 ليغرف الحلم من اصابعها ما يناسبه 0‏
    هذه السمة الاولى لأربعة دواوين شعرية للشاعرة السورية سمر مهنا الصادرة عن دار عروة للطباعة ( فوضى الابتهالات , زهر المحار , بين اصابع الوقت , جزر تائهة تحت الشمس ) حيث ان تقنية العناوين رائعة ومدهشة تدفعك على قراءتها عمدا حيث نجحت الشاعرة في اختيار عناوينها كعصفورة تنتفض وقد بللها قطر الحزن والظمأ ويمر الشعر غريبا مغموسا بحبرها السحري , وتضع جنينها وتتركه موصولا بحبلها السري لتتجلى عبقرية المكان ومن هنا قد توقفنا هنا / بين / دلالة ظرف ا لمكان ( بين ) والتي اعدته لبنة لفظية ومعنوية جدّ مهمة في العنوان في عنوانها ( بين اصابع الوقت و( جزر تائهة تحت الشمس ) تضمنت صيغة العنوان تقريراً وبالإيحاء بشحنة دلالية تلبست مشمول القصائد . إن ظرف المكان ( تحت ) ( بين )( يظل محور التصور الذي تنفذ اليه ومنه مسارب الصورة في التقاء الزمان بالمكان ) ويكشف العلاقة المنطقية بين الماضي والحاضر والمستقبل , وتتحول الى ( زمكانية ) وجودية خاصة بتكوينها وهي قادرة ان تحول الزمان الى مكان وابدالهما في وجود جديد 0‏
    هل لتجر وراءها جبال الجليد ام تترك الف نورس يتساءل : متى ينقشع الضباب ؟ هل تاهت بين سؤال وجواب 00؟ ام تتخذ من آلية السؤال طريقا للتعرف على العالم الشعري وتحسس مفرداته ومكوناته المرئية واللا مرئية ؟ أم انها تعمل على احداث حوار مع الانا للوصول الى درجة اعلى من الالفة والتوحد مع الذات ومع كل ما هو متاح حتى انها تسأل الذات العليا وتسأل الله : في نص امير الفقراء ص 89 :‏
    » كيف ينام الفقير دون غطاء كانت القراءة الابحار محفوفة ببعض الموانع التي لاينفع معها الوثب او القفز لتعلن ولادة اخرى للموت والعدم .‏
    وكما ان السؤال هو الطريق الاساسي للمعرفة والتنوير وربما ايضا للتغيير وادراك حقيقة الاشياء يعتبر العنوان مفتاحا اساسيا يفك به مغاليق النصوص التائهة في جزر تحت الشمس / جزر تائهة تحت الشمس / انه مدخل ادهاش وحامل لمبنى زمانها ومكانها والمعبر عن مقوماتها الصورية المفترضة والمشير الى جوهر حملها , فإذا علمنا ان الابتهالات دائما للتوقف والرجاء الذي يعني الشعور بالراحة والامان سلام الوصول النهاية فإن تحول الابتهالات الى فوضى بلا عنوان فلا تعرف من انت او من ستكون..؟‏
    نلاحظ الاسئلة عديدة وانسانية وملحة وتدور حول احزان الذات وبهمسات العشق المحلى بطقوس الروح , كان الليل يتلمس جدران الماء , اخوفا من الغرور ام للتلاشي والنسيان 00 ام / في قاع الموت السحيق / تلوح الايدي/ افواه تصرخ بالجراد المالح /متى تأتي فلول الصباح ؟‏
    ص 48 0‏
    سمر مهنا شاعرة بماء عينيها ترسم القمر ويولد في دمها حبر القصيدة قبل ان تنثره فوضى الابتهالات , ترتدي بردة التصوف الموشاة بخيوط الصفاء واسلوب التميز مرئيا ينبعث من محراب ناسكة متعبدة تنشد الاوراد بالمجاز المرسل والاستعارة التمثيلية لا فرق بين الماضي وما هو آت ص 51 تصر على عنادها ومشاغبة ابن ذاكرتها المدلل ,لن يوقفها حتى المدى تراها على شموع الذوق واخرى على ضوء الروح , تحمل روحها بإشارتها الغامضة مرة ومرة بكلمتها الصريحة وتقذف بها خلف البصر حتى تجعل الشمس تجفل ( بين اصابع الوقت ) لتحيى الشاعرة بجميع عواطفها واحساسها في الممكن والمستحيل 0 تشد وتر قوسها وتصطاد زهر المحار وهي تنحني خلف سحابة ليأتينا دمعها مطراً , وتقيم للرقص طقسا وموسما للغناء , عبر سلسلة متصلة من السطوح العاكسة كالمرايا المتقابلة فتجذبنا ( صرخة الدال المجنون ) ترقب كل اللوحات لترى صورة أخرى للطائر الحزين وللفيلسوف المجنون الطيب والبسيط تقبض على السراب كلما تناثرت اوراق الذاكرة تغدو ملحمة للرقص حيث تحلق الروح في رحلة دائرية تفتح كل الابواب الممكنة حتى تتنفس لانها ترفض الاختناق داخل دائرة مغلقة , ربما تراهن على المغايرة والاختلاف وتكسير منطق العقل بالسؤال, ايها الطائر الحزين /كيف / لم تترك وراءك حقلا احرثه ?لماذا تركتني اغني / خلف قصبك الجريح ص 17 نتساءل معها : لماذا أكل الدود اسماء الضعفاء 00؟ هل ليصبح الحلم مفتاحا يقهر فراغ الكون بالارق والشغب 00؟ في مشهد تصل به البداية بالنهاية مطلة في شجن مرير على التاريخ الانساني المأساوي الملطخ بدماء ضحايا الطغيان طوال العصور , باكية بصمت على عصر الفلاسفة والحكماء التنويريين الذين ماتوا قهر تحت سياط الجلادين ومثل رسامة عاشقة في تجلياتها المختلفة تغمس ريشة آلامها في اناء الحياة لتشكل صورة واحدة لابناء الخطيئة , يغلب عليها اللونان الاخضر والابيض والشمس وألقها , تجعل حنينها في تصوير تجسيدي - اخضر الروح في ايحاء يعكسه لون الخضرة تساويا مع روحانيات الحدث والوصف الذي تنفذ منه , لتتداخل الطبيعة وتصوغ الخيط المتحرك لروح تجعل من ألوانها اليقينية وروحها الطفولية 00 حيث دلالات النضارة / القداسة / البهجة / الحياة / بوصف الخضرة لباس اهل الجنة .‏
    ان العلاقات والرموز التي توظفها الشاعرة لاعادة تشكيل النص الشعري تكشف لنا اننا امام لغة مغايرة تتيح السفر في كينونتها , لكن: هل تفتش عن خلاص ام عن انسان لم يعد موجودا 00 في عصر باتت المقبرة مقهى القراء 00 ام ان الغياب الاكبر هو ذاتها في ذاتها وليس غياب الاخر 00؟‏
    ام تبحث عن قارئ عاشق للقراءة يشاركها في اعادة بناء النص 00 لتدعه في 00/ جزر تائهة تحت الشمس /.. ربما لم يأت بعد , هل تمكن من قراءتها ام تمكنت الامساك به عبر ما تحمله هذه الرموز من احزان واحلام وتخيلات أم انها قصدت ذر الرماد في العيون 00؟‏
    ام انها مشكاة تحملها دعوة 0 حيث الحدود بين الكلمات والاشياء واهية ليظل محمر الوجع يعشش في عمر الزمان 00؟‏
    نستشف من هذا التسريب وجود اسرار عميقة لغياب ما , غياب ليس ككل غياب في روح سمر ودلالتها بالمشاعر الحزينة , والمثيرة للعواطف والاشجان حيث النهار تنتهي مباهجه بحمرة الشفق الدامي 00 مما تعكس وتجعل فعل الكتابة حالة منبثقة عن تأملات الذات نفسها في مرآة القصيدة ومن فعل النظر والتأمل ينبعث بتبادل الصور على نحو يجعل من القصيدة افق انتظار وتوقع 0‏
    هكذا النص الشعري لا يولد الا مزيدا من الاسئلة لانه عامل قلق واقلاق لا عامل وثوق وطمأنينة , لتتحرك الجدلية عبر الافعال والاسفار لتعبر عن صراعاتها وتناقضاتها لتولد الحقائق .‏

      الوقت/التاريخ الآن هو 9/5/2024, 3:58 pm