أمكنة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
أمكنة

مجلة ثقافية تُعنى بأدبيات المكان


3 مشترك

    مسافة ســــفر

    رائدة زقوت
    رائدة زقوت


    عدد المساهمات : 177
    تاريخ التسجيل : 17/12/2010

    مسافة ســــفر Empty مسافة ســــفر

    مُساهمة من طرف رائدة زقوت 18/3/2011, 12:26 pm

    "ولكنه الحياة ": قالت تحدث نفسها، وهي تحاول أن تسوي جلستها في تلك الحافلة المكتظة بالمسافرين. أخذت مقعدها، وتركت لجسدها العنان ليتواءم مع تحركات الحافلة، وتلك الهزهزة التي تحدثها وهي تسير بسرعة صوب طريقها المرسوم .

    "لم تفلح أنثى في انتزاع قلبي مثلما فعلت، أنت وحدكِ ملكت مفاتيح الروح، وحولت ليلي لنهار تغشاه الشمس من كل حدب وصوب". خاطبها في أول لقاء جمعهما ،وهي مأخوذة بهذا القدر الذي شق قلب الغرب ليزهر في دربها حباً من نوع خاص، حب ....كان يلوح لها في الحكايا والأساطير، هل كنت سأهرول راكضة صوبك لو لم تكن الحياة ؟! قالت تحدث نفسها، في رد لا يسمعه غير خفقات تلوح بباطن صدرها ، المفعم بتنازع لا يعلمه سواها، وسوى واحد من أولئك الساكنين عنوة بحكم قدر لا تملك معه غير أن تعيش على طرفي نقيض من حياة البشر، في غمرة الصمت وأنينه، وما بين حديث النفس وحمى الهذيان التي تتأجج بداخلها، تمتزج المشاعر، ويجرفها الشرق وذلك الجالس قبالة ألواح من حب مكتوم. تأخذها الذاكرة صوب احتفائه بها، وكأنها جاءته خصيصاً من قلب الغمام لتكون له حورية تمنحه دفئاً وطعما مختلفاً للحياة. يا لحظي، ذلك المقسوم كرغيف خبز، قطعة تتوق لتكون لقمة لذلك الرابض على بعد مسافة سفر وقد أخذ القلب، وتحول لمهاجم شرس، يوزع التهم جزافاً بأنها أنثى لا تصلح للعشق.

    " ويحه أو يعلم كيف يكون العشق؟ أيعلم كيف يكون هو القدر ويصمت ؟.. أيعلم أن كل هزة من هزات هذه الطريق، تصرخ بملء فيها علي أن قد سرت في الطريق الصعب؟ وأن تكبد عناء هذه الطريق بات أمراً مشوقاً لأنه في النهاية يوصل له " .

    قطعة أخرى بيد جائع وجدها وكأنها استجابة لدعاء عابد في ليلة القدر، يقضم منها الهوينى حتى لا يدركه الجوع، يزيح حصى الحياة من طريق مركبها، يوزع وقته بينها وبين أهوال الحياة، بصمت لا يدرك كنهه غير عاشق وجد في طريقه من يمنحها الحب، ويأخذها بكلها عشيقة تتقن فن البقاء صوب عينيه، لا تغادر إلا إن صدر لها الأمر.

    كل هزة من هزات الحافلة كانت تجرها من تلك الأفكار صوب الواقع، تفتح عينيها وتراقب الركاب، خلف كل عين من عيون الركاب قصة، قد تفوق قصتها غرابة، تنتقل بين عين وأخرى ووجه وآخر، كم يحمل البشر في دواخلهم من غموض ..

    بلا تخطيط ولا نية مبيتة منها يحضر بل يحضران، هؤلاء الشخصان اللذان رسم لها القدر أن تكون بينهما كالرغيف، وقلبها يتوزع مع العقل فك تلك الشيفرة العصية على الفك. لو أن القدر غير مسار الحافلة الأول في الرحلة الأولى، فكانت الحياة أكثر سهولة ويكون واحداً منهم فقط قد طفا ظله على صفحة الحياة والأخر بقي في طي المجهول، ولكن أنىّ لها الآن أن تغير ما رسم منذ الأزل ..

    لم تعد الأمنيات تجدي ووقت التمني قد ولى وهرب، الآن وليس لاحقاً يجب عليها أن تقرر أين سيكون المقر، أي قرار سيكون كصك إعدام ممهور برسم التنفيذ الفوري، صوت بقربها دفعها لتفتح عينيها:

    - أنتِ يا سيدة لقد وصلنا، حمداً لله على السلامة.

    بدون أن تنهض عن مقعدها في الحافلة ومن غير أن تنظر صوب المتحدث

    - سأعود بالحافلة من حيث أتيت
    أمكنة
    أمكنة
    Admin


    عدد المساهمات : 285
    تاريخ التسجيل : 16/12/2010

    مسافة ســــفر Empty رد: مسافة ســــفر

    مُساهمة من طرف أمكنة 18/3/2011, 1:09 pm

    العزيزة المبدعة رائدة زقوت. قليلة هي النصوص التي تثير فينا الدهشة ذلك الاحساس الذي من شأنه ان يجعلنا نتوقف قبالة النص ونطلق أسئلتنا . بحق إن عالمك القصصي متقدم ومتطور/ محبتي
    ammany_2006
    ammany_2006


    عدد المساهمات : 20
    تاريخ التسجيل : 05/02/2011
    العمر : 40

    مسافة ســــفر Empty رد: مسافة ســــفر

    مُساهمة من طرف ammany_2006 18/3/2011, 4:50 pm

    نص بظهر فيه الابداع بشكل ممتع وشيق
    ومثير جدا
    رائدة زقوت
    رائدة زقوت


    عدد المساهمات : 177
    تاريخ التسجيل : 17/12/2010

    مسافة ســــفر Empty رد: مسافة ســــفر

    مُساهمة من طرف رائدة زقوت 21/3/2011, 12:54 pm

    أهلا بك صديقنا العزيز أستاذ جلال
    لا شك أن لتعليقك قيمة كبيرة عندي وحافز للمزيد من النشاط
    أشكرك دوما على هذا المكان المميز وعلى مرورك الرائع
    مودتي
    رائدة زقوت
    رائدة زقوت


    عدد المساهمات : 177
    تاريخ التسجيل : 17/12/2010

    مسافة ســــفر Empty رد: مسافة ســــفر

    مُساهمة من طرف رائدة زقوت 21/3/2011, 12:56 pm

    أهلا بك عزيزتي أماني
    يسعدني مرورك ورأيك بالقصة
    مودتي

      الوقت/التاريخ الآن هو 12/5/2024, 3:51 am