أمكنة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
أمكنة

مجلة ثقافية تُعنى بأدبيات المكان


2 مشترك

    الشاعر الأردني جلال برجس : مفردات الحياة عوالم لها نبضها الأبدي في كينونة الشاعر

    رائدة زقوت
    رائدة زقوت


    عدد المساهمات : 177
    تاريخ التسجيل : 17/12/2010

    الشاعر الأردني جلال برجس : مفردات الحياة عوالم لها نبضها الأبدي في كينونة الشاعر Empty الشاعر الأردني جلال برجس : مفردات الحياة عوالم لها نبضها الأبدي في كينونة الشاعر

    مُساهمة من طرف رائدة زقوت 24/1/2011, 11:04 am

    يمثل تيار الحداثة وما بعدها، قصائده تلامسك بعوالم ذاته رغم شعوره بالقهر وضبابية الواقع، يحتفى بالهامشي بروح تواقه الى الحياة إذ يبدو المزاج الشعري بترنيمه صحراوية تليق ببدويته حد الرعونه يتجه من خلالها نحو الثيمات الإنسانية وبالرغم من ولادته المبكره كشاعر إلا أنه فضل التواري لنشهد تلمسه للحرية فى الاعلان الأول عن مجموعته الشعرية “ كأي غصن على الشجر “ وهو يشتاق لانجاز الأثر على سجية القادم بوضع لبنات وجودية عبر قصائده ملوحاً بالحياة وما يكرسه فى نصوصه هو أرث حضاري وفكري.
    حاورته: هند الهوني


    أكثر من عشرون عام قضاها الشاعر الاردني جلال برجس في الصحراء الأردنية الشرقية حيث مكان عمله فى هندسة الطيران التى أحدثت تقاطعات مهمة بينه وبين الشعر وهنا تتبدى الثنائية ما بين مهنته و شعريته فى رسم صورة أنسانيه مدهشه فى خضم عالم مترع بالتناقضات حيث طقوسه المرهونه بالغرابه والرمزيه لمحاولة إستنهاض متلقي رغم مجانية الموت.
    كانت لنا معه فسحة عبر الملحق الثقافي لتسليط الضوء على منتجه القادم.
    ● هل هي التجربة من كونتك شعريا؟
    _لا احد يعلم كيف يصير الشاعر شاعراً، ولا أريد هنا أن أنظّر وبالتالي أورد عواملاً وعوالماً صاغتني لكي أنجز شعراً خاصاً بي ، لكنني أتذكر أنني كنت في الصغر أولي الأشياء الاستثانية في الحياة اهتماماً ما، ولا أدري لماذا، هنالك مشاهداً مازالت عالقة في الذاكرة وتبدو كأنها بندول ساعة يروح ويجيء، فعلى سبيل المثال لا الحصر كان منظر جدي وهو يتهادى على فرسه( الكحيلا) من طرف المدينة مادبا إلى قريتي حنينا- التي كانت تراوح مابين عوالم البداوة والريف- يثير أشياء داخلي لبوح ما، إذا أنني كنت أرى تلك المشاهد بخلاف ما يراها الآخرون ، كانت مشية والدي وهو يغادر البيت ببزته العسكرية، ميمماً البلدان البعيدة حيث يعمل ، تحيل بي صرخة للبوح، ربما كانت رؤية غير عادية للغياب، كانت والدتي وهي تخبز على الصاج في صباحات القرية آنذاك والدخان خيط يتصاعد إلى السماء كمارد ، ينهر بي كلاماً ما ، يثير بي صرخة كونية كانت أكبر ربما من طفولتي التي أحن إليها الآن. في أمسيات القرى والبداوة ثمة شعر، ومخيلة خصبة، لها قدرة أن تبتدع الاستثنائي والمثير، شعر يحكي قصص الحب والبطولة والحزن والفرح ، ففي الصحراء التي أمضيت بها سنيناً طوال بحكم عملي كنت أرى الأشياء على غير عادتها ، حتى أن الهجير والعواصف الرملية والقيظ والسراب كانت تشكل عندي متعة من نوع خاص، لكنني أراها عبر منظار الحلم،حتى أن أحد أصدقائي قال لي كيف تكتب عن الأيائل وأنت رجل صحراوي ؟ ترى هل كنت ابني الحلم؟ لا ادري، فالتجربة تكوّن الشاعر وتنجزه ليبقى يطارد القصيدة كما يطارد الصياد غزالته، فالقصيدة غزالتي وأنا الحالم بأن أكون ذلك الصياد الماهر.
    ● عندما يُذكر الشعر تتبادر إلى أذهاننا مفردات الحياة : الحزن، الفرح، البحر، الألم، الحلم ، وأشياء عديدة . فكيف يتفاعل معها الشاعر لإنتاج قصيدة قابلة للقراءة والنشر؟
    _مفردات الحياة هذه، عوالم لها نبضها الأبدي في كينونة الشاعر، الذي يقال عنه بأنه يرى ما لا يُرى هي نفسها المفردات التي يتقاطع من خلالها مع أي كائن بشري آخر، لكن تفاعله وإحساسه بها يختلف من مستوى إلى آخر، ربما يعود ذلك لقراءته المختلفة للعالم جوانياً وداخلياً، قراءة في الغالب تكون شعرية، لكن العلاقة مابين تلك المفردات علاقة إشكالية نوعاً ما ، فالشاعر لا يسعى للحزن- الذي يتلبس وعيه- لكنه يسعى للفرح من جهة أخرى، كجبهة مضادة، وهذا نتاج الحلم الذي يتوج قلب الشاعر دائما، ، إذ أن هذه المتوالية الإنسانية هي من تخلق القصيدة، بما أننا كآدميين أولاً نقف دائماً بكل شهوة الأحلام أمام أسئلة الحياة الكبرى، لكن طقس خلق القصيدة طقس غامض لا يمكن لأي شاعر أن يجد تفسيراً واضحاً له، وإن زُعِمَ ذلك. فالقصيدة عندما تجيء تلوح أعراضها وكأن حمى تدب في روح الشاعر إلى أن يستبيح بياض الورقة إثر المخاض ، فالقصيدة وليدة لا مُنتَج ، لا يمكن تعريف طقس ولادتها، فتعريفها تشييىء لها، إذ أنني دائماً أرى الحياة رغم جمالها وشهوتنا لها ترتكز على ثلاث، كما كان يقول أجدادي البدو :القِدْرْ يرتكز على ثلاث هَوَداي و(الهوداةْ) في الدارجة الأردنية تعني الحجر، فالشعر والحب والروح ثلاث مرتكزات للحياة وهذه المرتكزات غامضة لا تفسير لها، فلا تعريف للشعر ولا الحب ولا الروح، لذا يسير الشاعر على رِسله في درب الحياة مشوباً بالفرح والحزن والألم والحلم، ومشوباً بالبحر الذي يتقاطع مع بحر هائج داخله وافر بالأحلام.
    لكنني أستطيع القول إن تفاعل الشاعر مع العالم والماحول، يجيء عبر ثيمة التأمل خاصته، بحيث تنهض الانزياحات الإنسانية لدية لتأتي كفكرة واضحة أو حتى غامضة عبر قوله وخطابه الشعري، فتفاعلي مع المفردات الحياتية التي ذَكرتِِ هو تفاعل يوميّ يصيغ جوانيتي كإنسان ويخلق أسئلتي كشاعر.
    ● ذكرت في لقاء سابق بأنك تؤمن بقدسية الكتاب... فهل تخشى على إنتاجك من تحريف الترجمة ؟
    _الكتاب شكل من أشكال الحياة، وقدسيته تأتي من باب أنه ثمرة ولدت من رؤية استثنائية للعالم لكن لهذه القدسية مستويات، لهذا السبب يتباين التهافت على كتاب أكثر من كتاب آخر لندرك في هذه الحالة الإنسانية أن الكتاب كحياة هو مرآة لقارئه وليس لمنتجه كما يعتقد البعض ، هذا القارئ الذي يتقاطع لحظة القراءة مع مخزون لاوعيه الجمعي وبالتالي يصبح كمتلقي هو الآخر ومعني بإنتاج الحياة.
    أما خشيتي على نتاجي الشعري من تحريف الترجمة فهذا وارد لدي و لدى أي شاعر وأديب فالترجمة عملية ليست بالسهلة خصوصاً إذا ما نظر المترجم لها على أنها حركة ميكانيكية لا أكثر ولا أقل لتصبح عملية معنية باللغة الجامدة، فالترجمة معنية باللغة وبالفكرة وما يؤسس لهما من صور فنية، وانزياحات لغوية إضافة إلى طقس الكتابة الخاص بلحظة الكتابة ذاتها والمتعلقة بالمكان والزمان وخصوصية الثقافة. فأن نترجم كتاباً علينا قبيل تلك المغامرة أن نحيط لا بالنص فقط إنما بكثير من ارتكازات النص التي ذكرتها سابقاً، فرواية البؤساء لفيكتور هوغو وصلت الينا عبر ترجمات عديدة إلى اللغة العربية وبين كل ترجمة وأخرى نجد اختلافاً هنا أو هناك ، لكن قراءة الرواية بلغتها الأصلية تكفي لنعلم أن هنالك خللاً في الترجمة وبان عملية الترجمة عملية مضنية
    ● هل تعتقد معي أن الشعر يؤكد نفسه من خلال تمرده على السائد والراكد والخارج عن المألوف لإحداث التجديد ؟
    _الشعر في الأصل خروج على السائد ورفض للراكد وللمألوف، لأنه إضافة إلى فضح العتم وهتكه معني هو أيضاً برؤى استثنائية تثير الأسئلة دوماً وتعزز جدلية الحياة، فالتمرد أساسية الشعر، لذا يرى الشاعرُ عيني حبيبته غابتا نخيل مثلاً. فهذه الصورة رؤية الشاعر لوحده لا يراها أحد غيره دون دلالة الشاعر للمتلقي الذي يرى العينين مجرد عينين، فبما أن القصيدة وليد روح الشاعر وقلبه يبقى الشاعر عبر هذا الوعي الاستثنائي يؤكد نفسه دوماً لأنه يتمرد حتى على نفسه. والتمرد ما هو إلا سعي للتجديد، لأن الحياة غير معنية بنظرية الكهرباء الساكنة من حيث كينونة انسيابيتها وتجددها، فلولا فعل التجديد لبدلنا اسم الحياة إلى مسمى آخر يوحي بالسكون، فالشعر بالفعل يؤكد نفسه من خلال سعيه للتجديد وجداله مع الراهن والسائد والساكن. لكن ذلك الجدال لا يأتي من باب النفس الإصلاحي الجامد إنما يأتي من جهة إثارة الأسئلة، تلك الأسئلة التي لها أن تخلق التجديد وتعطي للثيمة الإنسانية قيماً جمالية متجددة.
    ● هل يمكن ان تتحدث للقراء في ليبيا عن المشهد الثقافي الأردني ومكانته عربياً ؟
    _المشهد الثقافي الأردني مشهد فسيفسائي متنوع يمتلك ثيمة التجدد والتطور إلى جانب النظر ملياً إلى الموروث، إذ انه يشهد حراكاً ثقافياً يعول عليه للمضي قدماً بخطوات جريئة إلى الأمام، فهو مشهد منفتح على الفضاء الإنساني بشكل عام وعلى الفضاء العربي بشكل خاص وهذا يتجلى عبر التلاقحات الثقافية من خلال المهرجانات الثقافية والفنية التي تعنى بها وزارة الثقافة الأردنية ورابطة الكتاب الأردنيين إلى جانب مؤسسات ثقافية أخرى لا يتسع المجال هنا لذكرها جميعاً، فالحراك الثقافي الأردني يضاف إلى الحراك الثقافي العربي بانفتاحه ورؤيته الإنسانية البحتة، ولكنني لا أنفي أن هنالك أزمات ترمي بثقلها لا على المشهد الثقافي الأردني فقط إنما على المشاهد الثقافية العربية برمتها، أهمها تلك الهوة التي يقال بأنها ترسخت في الاوتة الأخيرة مابين المثقف والمتلقي وكما أقول دائماً فهذا عائد لتبدلات كونية أنتجت هكذا صدمات بحيث صار الآدمي منهمكاً بلقمة عيشه، وأصبح مسيراً بفعل وتيرة العيش السريع التي تعنى بقيمة الاستهلاك أكثر مما تعنى بقيمة الإنتاج وبالتالي تهبط الثقافة من سلم أولويات المواطن ليحل محلها أولويات أخرى معيشية .
    ●هل يمكنك أن تقدم لنا صورة عما يؤرقك كشاعر وأنت تواجه بياض القصيدة ؟
    _الشاعر عندما يواجه بياض القصيدة إنما يواجه معنى آخر للحياة، يواجه مشروعه الإنساني، إذ هنالك قصائد نكتبها ونحن في غاية الدهشة والفرح، وهنالك قصائد نكتبها ونحن في غاية الألم والحزن، وقصائد نكتبها ونحن لا ندرك ماهية إحساسنا بالضبط، لكن مايؤرقني كأي شاعر وأنا أواجه بياض القصيدة – هذا البياض الارتكازي للكون- هو كتابة القصيدة الحلم والتي لها أن تنجز الحياة الحلم، أنا لا أؤمن بتلك المقولات التي صارت تروج لموت الشعر لصالح الرواية ، الرواية والشعر شعر، كل له رؤاه وأساليبه وأدواته، ولا أؤمن بأن القطيعة حلت مابين الشاعر والمتلقي بذلك الشكل الذي يحكي عنه، مازال هنالك قراءة وأناس يستمتعون بالشعر ويتذوقونه، لكن الشكل الجدي للحياة ولليومي المرهق صار يبعدهم عن الطقس المنبري للقصيدة، لكن هذا لا يعني أن الشعر انتهى، وأن متلقي الشعر مات. بل أكاد ازعم أن هنالك صحوة شعرية من جهة الشاعر والمتلقي سوف تخلق شيئاً جديداً واستثنائياً
    ● كيف ترى العلاقة بين النص وصاحبه والى أي حد يجوز للناقد ان ينصرف من هذا الى ذاك ؟
    _العلاقة بين النص وصاحبه كالعلاقة تماماً بين العاشق والمعشوقة هي علاقة خصب ونماء وبالتالي إنتاج الحياة، لذا لا يمكن لصاحب النص –رغم أنني أقول عنه بأنه حياتيّ يلد الحياة بالضرورة- أن يمتلك زمام رؤيته كناقد لنصه بما أن النقد شكل من أشكال إنتاج الحياة بناء على رؤاه التقييمية ، فالنص كوليد لصاحبه يسير على هدي الحلم حتى لو كان منغمساً في ذاتيته، إذ يبتعد صاحب النص – سواء كان شاعراً أو قاصاً أو روائياً – عن أي شكل من أشكال النقد من وجهة نظري أثناء لحظة خلق ذاك النص، حتى لو كان ناقداً فمهمته كناقد تنصرف إلى نصوص كتاب آخرين، فإبداع النص وقراءته نقدياً وحتى تقويمه مختلفين تمام الاختلاف، كل له رؤاه وكل له طقوسه الخاصة. هذا في حال أن يكون الشاعر ناقداً، أما رؤية النقاد للشعر فهي في حالها المفترض، يجب أن تكون محاذية للنص الشعري تقويماً وتقييماً ، لكن النقد وخصوصاً نقد الشعر يعاني من أزمة وتراجع، إذ اقتصر الأمر على قراءات انطباعية خاطفة لا يمكن لها أن تفعل فعلها في محاذاة الحراك الشعري.
    ● فيما يخص إصدارك القادم ....ما الذي أردت قوله؟
    _ في إصداري الشعري القادم والذي سوف يأتي بعنوان ( الحوت يبتلع القمر ) ، هنالك ثمة أشياء تؤرقني منذ زمن بعيد، ولو أن الشعر لا يُشرح ، لكن هواجساً ما، كانت تؤثث مخيلتي الشعرية لحظة الكتابة وما قبلها وما بعدها أيضاً، يدُ الجديد تطال أشياء كثيرة هي في الأصل مرتكزات لإنسانيتنا، هنالك أشياء كثيرة تشوهت في المعنى الإنساني العام وهذا كان هاجسي الدافع للكتابة، فقد تلاشت البراءة الإنسانية ، وطرأت أشواك باتت تُعَمَّم على حناجر أرواحنا التي صارت متعبة، هنالك حوت يهدد قمرنا الإنساني، ويود ابتلاعه، لذا وجدتُني أصرخ عبر قصائد ديواني كما كان أجدادي البدو يصرخون ويطبّلون لكي يترك الحوتُ قمرَهم ، فأنا هنا معنيّ بالصراخ على سليقة أجدادي، نعم صراخ لكنه صراخ الشعر لكي نُعلي من قيمة الحب، الذي هو سادن الإنسانية ذاتها.

    رابط اللقاء الذي أجرته صحيفة الجمهورية مع الأستاذ جلال برجس





    http://aljamahiria.com/details.php?news_id=7964&id_pages=8&count=254
    أمكنة
    أمكنة
    Admin


    عدد المساهمات : 285
    تاريخ التسجيل : 16/12/2010

    الشاعر الأردني جلال برجس : مفردات الحياة عوالم لها نبضها الأبدي في كينونة الشاعر Empty رد: الشاعر الأردني جلال برجس : مفردات الحياة عوالم لها نبضها الأبدي في كينونة الشاعر

    مُساهمة من طرف أمكنة 24/1/2011, 1:02 pm

    شكرا رائدة، مودتي وامتناني

      الوقت/التاريخ الآن هو 9/5/2024, 8:02 pm